قراءة في بيان طوفان الأقصى، فتح الطريق لخروج القوات الامريكية من المنطقة

الكاتب الأسير أبوحسن
على قوى المعارضة والجماهير أن تنتبه فقد ثبت بالتجربة والواقع الحسي أن الصوت الثوري والمقاوم هو الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه، كما أن هذا الصوت هو صاحب التأثير الكبير على الأنظمة المستبدة والظالمة بل وراجح الكفة عليها، والشواهد على ذلك عديدة، منها: ما جرى في الصحوة الإسلامية، وما يحدث في محور المقاومة.
لقد باتت القوى الثورية والمقاومة تؤثر في القضايا المحلية والدولية والإقليمية أكثر من بعض الدول، وكمثال على ذلك تأثير حزب الله الذي فاق الدول العربية مجتمعة. وعليه لا حل إلا بالنهج الثوري والخط المقاوم، فالأنظمة الدكتاتورية والظالمة لا تعرف إلا لغة القوة.
اثبتت قوى محور المقاومة نفسها على أرض الواقع، لدرجة أنها لم تعد فقط قوة لا يمكن تجاوزها، بل أصبحت تملك مفاتيح اللعبة وتتحكم في القرارات وتأخذ زمام المبادرة وتصنع الحدث وترسم صور المشهد، ومعركة طوفان الأقصى تؤكد على ذلك.
لقد ولد طوفان الأقصى من رحم قوى شعبية ثورية مقاومة وهي حركة حماس، التي لم تنتظر دولة هنا أو هناك أو مجلس امن أو احداً يأتي لنصرتها وتحريرها.
معركة طوفان الأقصى التي كانت ولا بد أن تحصل كما يقول الأستاذ الأسير محمد سرحان في مقاله النصر الاستراتيجي النصر ينطلق من غزة أحدثت زلزالًا ثوريا هز العالم وأيقظه من نومه، ووصلت ارتداداته إلى الجميع، مما يحتم المشاركة لا الوقوف موقف المتفرج الذي لا يعنيه الأمر، وبالتالي: فأما مع الظالم وأما مع المظلوم، يقول سماحة آية الله قاسم حفظه الله: “إما أن تقف مع إسرائيل والمطبعين أو تقف مع الإسلام والمقاومة الإسلامية”.
الكل “حكومات، قوى معارضة، مقاومة، شعوب” في موقع التأثر باهتزازاته التي لا تقتصر على المستوى الخارجي فقط وإنما حتى الداخلي، فهو كما قال فضيلة أستاذ البصيرة من إن هذا الحدث (الطوفان) سيخلط الأوراق محلياً (أي في البحرين)، وتفسير قوله هو: أن من شأن معركة طوفان الأقصى التأثير على حسابات النظام الخليفي والمعارضة كذلك، وأن النظام مرتبط بالشيطان الأكبر والكيان المؤقت ودول الاستكبار اولاً، وثانياً ارتباط الداخل بمحور المقاومة بل ان هذا الارتباط يتعدد بشكل اكبر مع مرور الزمن. كما أنه ولشدة هذا الزلزال وقوة تأثيره، فقد رأينا كيف ان بعض الدول قامت تتكلم بنفس غير الذي كانت عليه وتتخذ مواقف لم تكن من مقاس ثيابها سابقا (وان كان ذلك ظاهرا ولعدة عوامل، أهمها: الشعوب). هذا الزلزال أيضا أوقع الكيان الصهيوني المؤقت والشيطان الأكبر أمريكا وكل دول الاستكبار العالمي في مأزق أينما أرادوا ان يخرجوا منه وجدوا ان الهزيمة على كافة المستويات أمامهم، وهذا ما سيتضح أكثر في النقاط التالية.
في كل الحالات التي ستفرضها مجريات الميدان، فإن ما بعد الطوفان الأقصى ليس كما قبله حتما، وهذا أمر واضح للجميع فمن شأن كل الحوادث (بحسب حجمها إن تغير الواقع)، وهنا يكون الامر المهم هو: لمن ستكون الغلبة؟!
فأما أن تنتصر المقاومة، وحتما ستنتصر، حيث أكد سماحة السيد الولي (دام ظله) على ذلك: سوف تنتصر فلسطين حتماً بهذه القضية والقضايا التي ستليها، “العالم المقبل هو عالم فلسطين وليس الكيان الصهيوني الغاصب”، وتباعا ايد ذلك كلام سماحة السيد الولي سماحة سيد المقاومة ايد الله في خطاب الثامن من أكتوبر.
وفي هذا الصدد يقول سماحة سيد المقاومة البحرانية السيد مرتضى السندي ايده الله: “سيتحول قادة الامة الإسلامية في فلسطين من قادة محليين الى قادة عالميين”، لقد غدى محمد الضيف الذي قاد معركة طوفان الأقصى من قائد ميداني متمثل في حركة حماس إلى قائد إسلامي لكل الامة الإسلامية، وها هي شعوب المنطقة تهتف باسم القائد البطل محمد الضيف.
وإما ان ينتصر الكيان الصهيوني المؤقت وحلفائه، وهذا بعيد عن معطيات الواقع. يقول فضيلة الاستاذ في بيانه الصادر بتاريخ 18 اكتوبر 2023: (كما للكيان الصهيوني في ظلمه وجرائمه الشنيعة ضد الفلسطينيين المستضعفين من شانه ان يعجل بهلاكه واستئصال شأفته لا ان يمنحه الامن والسلام كما يتوهمون).
من نتائج معركة طوفان الأقصى انها جعلت من الواضح أوضح، لقد رأى العالم اجمع عجز الكيان الصهيوني المؤقت عن حفظ امنه. وعليه: فقد أصبح من غير المنطقي أن تستمر الانظمة العربية المطبعة في تطبيعها المعلل بحفظ امنها وعلى وجه الخصوص من الجمهورية الاسلامية الايرانية حفظها الله. فمن لا يقدر على حفظ أمنه من تحرك مقاوم بسيط، كيف سيحافظ على أمنه وأمن حلفائه من دولة مقاومة تمتلك قدرات اكبر بكثير جداً؟!.
من نتائج الطوفان انه بين وبشكل أكبر كذب ودجل ونفاق وعجز وضعف الشيطان الأكبر، فهو لم يستطع حماية طفله المدلل الكيان الصهيوني الغاصب، كما رأينا ذلك مع حلفاء اخرين كالسعودية مثلا.
اذاً: فانه من غير المنطقي أن تستمر الدول في الاعتماد على حماية امريكا التي هي ايضا لا تستطيع حماية نفسها لكي تحمي غيرها، وما يجري على مصالحها وقواعدها خير دليل، بل أصبح من المنطق أن تعترف وتقر وتعمل وفق التغييرات الحاصلة، ومن أهمها: زوال عالم القطب الاوحد ومجيء عالم الاقطاب المتعددة.
من نتائج الطوفان سقوط الامريكي والغربي على كافة المستويات: الوعود، الاتفاقيات، القيم، المبادئ، الاخلاق، وغيرها… كما رأى العالم ايضا تزلزل مكانتهم وذهاب عزهم، يقول فضيلة الأستاذ في بيانه الصادر 26اكتوبر 2023: “حينما تتكلم أمريكا والكيان الصهيوني ودول المعسكر الغربي وغيرها عن الأخلاق، وعن ضرورة مراعاة القانون الإنساني في حرب غزة، ويظهرون الأسى والحزن على الضحايا الفلسطينيين واللبنانيين فأنهم يلهون ويضحكون على الذقون، ويقولون قولاً فارغًا تكذّبه الأفعال، لا يؤمنون به، ولا مصداقية له، يريدون به التغطية على الوقائع المؤلمة والممارسات الإجرامية المفضوحة”.
وكيف لهكذا دولة ان تحقق طموحات الاصلاح ؟!.
لقد نقلت معركة طوفان الاقصى هدف خروج القوات الامريكية “الذي تبناه محمور المقاومة بشكل كبير بعد استشهاد قادة النصر رضوان الله تعالى عليهم” خطوات الى الأمام، وذلك بدليل ما بيناه من النقاط السابقة.
ونضيف هنا: تشخيص محمور المقاومة وهو ما صرح به سماحة سيد المقاومة من أن القرار في حرب غزة للشيطان الأكبر، وأكد ذلك سماحة السيد الولي: جرائم الكيان الصهيوني في غزة تحدث بدعم مباشر من امريكا وبعض الدول الغربية، فلا بد من ضرب المصالح والقواعد الامريكية في المنطقة، وبالفعل هذا ما كان، حيث تصاعدت ضربات محور المقاومة على القواعد والمصالح الامريكية في هذه الحرب.
بناء على ما جاء في النقاط السابقة وغيرها، فإن العالم قادم على تغيير كبير إن لم يكن جذري (ولن يكون انتظارنا له بحسب الوتيرة المتسارعة للأحداث)، سيزول فيه عهد القطب الامريكي الاوحد، ولن يكن فيه اقطاب متعددة وحسب، بل سيكون العهد الجديد عهد تلعب فيه الشعوب دور محوري وتكون لها كلمة الفصل، وقد شاهدنا ذلك في مجريات طوفان حيث مارت الشعوب على حكوماتها ضغوطا ادت أحيانًا للتغيير.
وهذا ما يوجب:
– على الشعوب أن تكون مستعدة فكريا ونفسيا وسلوكيا، وهذا من شانه أن لا تنخدع في المرحلة القادمة ولا تضييع المكاسب المجنية، بل تواصل تحقيق الانتصارات. – على قوى المعارضة “سواء التي تمتلك علاقة مع امريكا والغرب ام لا باعتبارها ممثلة للشعب: أن تقوم بمراجعة لرؤاها السياسية واستراتيجياتها، ومناهج عملها ومبانيها الثورية الاصلاحية، لجعلها متوافقة مع الحقائق والمتغيرات المستجدة لمواكبة التطورات وفعل ما يلزم عليها فعله في قادم الايام من أجل المصلحة العامة” كما يقول فضيلة أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين.