هدايا غزة للأستاذ.. وظاهرة تمدد الرموز البحرانية
بقلم: الأسير أبو باقر
المقطع المصور الذي نشره أحد عناصر المـقاومة الإسلامية في فلسطين للصواريخ التي تدك كيان الاحتـلال الصهيوني في مطلع عملية طٰـوفان الأقصى المجيدة، وأهداه إلى أستاذ البصيرة (فك الله بالعز قيده)، حدث جدير بالتأمل والقراءة المتأنية لما يحمله من دلالات هامة.
هذا المقطع إذا جمعناه مع عدد من الأحداث السابقة فإنه يفتح الباب أمامنا للنظر في ظاهرة آخذة بالنمو، وهي ظاهرة تجاوز رمزية رموزنا الأعزاء (حفظهم الله تعالى) الحدود المحلية، بحيث اتسعت رمزياتهم لتصل الى حدود الدول الأخرى المجاورة -دول محور المـ..قاومة-.
أن يخص مجاهد يتواجد في قلب الصراع مع العدو الصهيوأمريكي أستاذ البصيرة “البحراني” بالذكر في أهم عملية تاريخية في تاريخ المـقاومة الإسلامية في فلسطين، فذلك ليس بالحدث السهل ولا بالموقف العابر الذي يتساوى حدوثه من عدمه، بل أنه يعني بأن رمزية القيادة البحرانية أصبحت عابرة للحدود المحلية الضيقة، وغدت تطبع بصماتها في فكر ووجدان شعوب وقضايا المنطقة، وهذا ما يمكن أن نعرّفه بظاهرة “التمدد”.
الآن عندما تطير الصواريخ في غزة وتهدى إلى الأستاذ في البحرين أو عندما يكتب الأستاذ من سجنه فيتصدر الشعب اليمني قائمة قرائه -كما أشير مؤخراً- فإننا ندرك بوضوح أن ظاهرة “التمدد” هذه ليست من قبيل معرفة قيادات المنطقة بقياداتنا وحسب، بل أنها اتسعت لتضم العنصر الشعبي أيضاً، وهذه نقطة جوهرية.
طبعاً، الأستاذ ليس وحيداً في هذه الساحة وإن كان مرآة تجل لها، فإن أحداً لا يمكن أن يقرأ ظاهرة “التمدد” هذه دون إضافة نموذج آية الله قاسم (دامت بركاته) ضمن عناصرها الرئيسية، فإن يقف آية الله قاسم “البحراني” في صف واحد مع قيادات الصف الأول في محور المـ..قاومة من أمثال سيد المقاومة والسيد عبدالملك الحوثي والآخرين كما شهدنا ذلك في مؤتمر “القدس هي المحور”، فذلك حدث استثنائي في تاريخ القيادات البحرانية ودليل على تمددها، وينبغي أن ينظر إليه هكذا دوماً.
وطبعاً لا يستثنى من هذه الدلائل أيضاً الاستقبال الرسمي والقيادي الكبير الذي حظي به سماحة الشيخ لدى وصوله العراق من قبل المسؤولين وقادة الفـ..صائل، وغيرها من المواقف.
إلا أن هذه الظاهرة -مع شديد الأسف- لا تزال محجّمة في الداخل ولا يتم إبرازها كما هي، فلا تزال الآلة الإعلامية لقوى المعارضة -سواء الآلة الرسمية للجمعيات والأحزاب أو تلك التي أنشئت على نظام “خباز مو لنا” كما يقول حسينوه في درب الزلق-، لا تزال غارقة في حساباتها المحلية والحزبية، وتخضع هذه الأحداث إلى حسابات المكاسب والخسائر الحزبية في الداخل.
فليس من المستغرب أن يتم التجاهل المتعمد لمثل هذه الأحداث في الإعلام المحسوب علينا كمعارضة أو التقليل من أهميتها أو الحرص على عدم رواجها في الداخل المحلي، لأنها في نظر القائمين على هذه المكائن الإعلامية، يمكن أن تزيد من رصيد هذا الطرف أو ذاك في سوق المنافسة السياسية الشعبية.
ومن الواضح أن هذا العقل السياسي والإعلامي المأسور في زنازين الحزبية، لا أنه قصير النظر ومحجوب عن الحقيقة وحسب، بل هو مظهر لغياب الرشد أيضاً وتضييع الفرص وتغليب المصالح الخاصة على العامة.
ذلك أن تمدد شخصيات رموز المعارضة وارتقاءها إلى خارج الحدود، يجب أن يشكل هاجساً إلى السلطة وحدها لا لغيرها، لأن هذا التمدد يفرض معه بالتبع تمدد للقضية الوطنية في الخارج وحماية جماهيرية إضافية لرموز هذه القضية.
ولكن وكما يقول المتنبي في مطلع شكايته لسيف الدولة الحمداني: “واحرَّ قلباه”، لأن المنطق السليم يقول: إن امتداد أي قامة شريفة يعني مكسباً لكل البلاد بغض النظر إن كنت من أنصار هذا الممتد أو ذاك، وغير ذلك يصح فينا قول الشهيد مطهري: “البعض يحب دين الله بشرط أن يكون هو حجة الإسلام الذي يبلغ هذا الدين”.
وعموماً، فإن هذه شقشقة وليست موضوعنا الأصلي، فجوهر الفكرة أن هدايا غزة المرسلة لأستاذ البصيرة مؤخراً هي في حقيقتها هدية لكل فرد من أبناء هذا الشعب الشريف المحب للمـ..قاومة، مفادها: أن أرخبيلكم الصغير هذا لم يعد صغيراً، لقد تمددت قيادتكم، فافخروا بهذه القيادات